Monday, July 1, 2019

يندر أن تفرط البنت المصابة بالاضطراب في الحركة داخل الفصل مقارنة بالولد

وقد يعاني المصاب بعدم التركيز من نسيان أشياء كثيرة وصعوبة في التنظيم وتشتت الذهن بسهولة، أما المصاب بفرط الحركة والاندفاع فقد يصعب عليه الجلوس ساكنا في مكان، وقد يكون دائم التململ في حركته ويقاطع أحاديث الآخرين.
ويجري تشخيص الاضطراب في سن الطفولة عادة، وأغلب المصابين به لا يتجاوزونه في سن البلوغ. كما يؤدي عدم تشخيصه في سن الطفولة إلى حدوث مشكلات أكثر مع البلوغ.
وتقول جونسون-فرغسون: " لم أستطع التركيز بالمرة وأنا في الجامعة" وظهر ذلك في العدول مرارا عن مجال الدراسة والتنقل من مجال لمجال.
كما عانت من الشره المرضي للأكل "البوليميا" طوال سنوات الدراسة في الجامعة، وعلى مدار عقدين لاحقين أفرطت في تناول الكحوليات والمشروبات المنبهة المحتوية على الكافيين والسكر في محاولة لمساعدة نفسها، وهو أمر شائع الحدوث لدى البالغين المصابين باضطراب الانتباه.
وأصبحت حياتها أكثر صعوبة بعد انهيار حياتها الزوجية، لذا سعت حثيثا إلى فتح صفحة جديدة والتخلص من عاداتها السيئة، لكن الأعراض ازدادت سوءا ووصل الأمر إلى حد البقاء لأيام في الفراش.
وتتذكر جونسون-فرغسون قائلة : "كنت لا أستطيع التركيز في أي شيء على الإطلاق في تلك الفترة".
يوجد تباين مؤكد في مدى انتشار هذا الاضطراب بين البنين والبنات.
وخلصت دراسة شملت 2332 من التوائم والأشقاء أجرتها آن آرنت، الخبيرة في الطب النفسي للأطفال بجامعة واشنطن، إلى أن اختلاف التشخيص بين البنين والبنات قد يرجع إلى تباين في شدة الأعراض، فغالبا تظهر أعراض أكثر وأشد على البنين مقارنة بالبنات.
وتقول آرنت إنها رصدت اختلافا عصبيا بيولوجيا دون معرفة سببه، ورجحت أن يكون ذلك نتيجة وجود أثر وقائي على المستوى الوراثي لدى الإناث.
ومع ذلك يظل حجم الفارق بين الجنسين غير محدد، ويجري تشخيص المرض في الواقع بأعداد أكبر بكثير بالنسبة للبنين مقارنة البنات.v
وتشير دراسات تتعلق بمدى انطباق معايير اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه على السكان إلى ترجيح كفة انتشاره في البنين، ولكن بفارق أقل. وتختلف النسبة باختلاف الدراسة، فتتراوح من 2 : 1 وحتى 10 : 1 بين البنين والبنات.
وتقول فلورنس موليم، الزميلة بهيئة "أكورياس بوبيوليشن هيلث" للاستشارات الصحية : "يفتح ذلك المجال أمام احتمال وجود أعداد أكبر بكثير من الإناث يعانين من المرض ولكن لسبب نجهله لا يجري تشخيصهن بنفس معدل تشخيص الذكور".
وتشير بحوث إلى أنه يجب أن تكون الحالة أشد وأوضح في الإناث مقارنة بالذكور حتى يتم رصدها.
واستطاعت موليم وفريقها، من خلال دراسة شملت 283 طفلا تتراوح أعمارهم بين السابعة والثانية عشرة، فحص التباين المميز بين البنين والبنات الذين تنطبق عليهم المعايير التشخيصية لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، وأولئك المتوافرة لديهم أعراض الاضطراب دون الوصول لحد التشخيص.
وتوصلت موليم، التي كانت مرشحة لنيل درجة الدكتوراه بجامعة كينغز كوليدج لندن في ذلك الوقت، إلى أن الآباء والأمهات قللوا من ظهور أعراض فرط الحركة والاندفاع لدى البنات، بينما أبرزوها أكثر لدى البنين، وذلك من واقع تقييمهم لكل حالة.
كما وجد الباحثون أن الفتيات اللاتي انطبقت عليهن المعايير كن يُعانين غالبا من مشكلات انفعالية أو سلوكية أكبر من البنات اللاتي لم تنطبق عليهن المعايير، بينما اختلف الوضع في حالة البنين.
وفي دراسة مشابهة شملت 19 ألفا و804 توائم سويديين نشرت العام الماضي وجد فريق موليم أن البنات، وليس البنين، هن الأرجح من حيث تشخيص الإصابة بفرط الحركة والاندفاع والمشكلات السلوكية.
كما وجدت الدراسة أن البنات هن الأفضل تعويضا في حالة وجود أعراض تشتت الانتباه مقارنة بالبنين، كما هو الحال بالنسبة لأعراض مرض التوحد، إذ تجيد البنات إخفاء الأعراض بشكل أفضل.
وتقول هيلين ريد، مستشارة الطب النفسي واضطرابات فرط الحركة وتشتت الانتباه لدى هيئة التأمين الصحي البريطانية : "يندر أن تبالغ الفتاة المصابة في حركتها داخل الفصل الدراسي والشجار مع المعلمين والطالبات، فمن تفعل ذلك ستكون محل استهجان شديد من الأقران وغيرهم، وهو ما يثني الفتاة عن التصرف بهذه الطريقة".
وتضيف ريد أن الفتاة تعاني لفترة من أعراض فرط الحركة، ويظهر عليها ذلك في شكل ثرثرة أو تمرد وعدم إذعان للأوامر، و يخفق الآباء والمعلمون في إرجاع ذلك إلى اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، لاسيما مع توقع أن الفتاة اجتماعية بطبعها مقارنة بالفتى.
ويلزم إجراء المزيد من البحوث قبل الوقوف على حجم المشكلة.
وإن لم تخضع البنات للتشخيص بسبب عدم نمطية الأعراض، فقد يغفل الأطباء أيضا تشخيص بعض البنين الذي يعانون على الأرجح من اضطرابات فرط الحركة وتشتت الانتباه الحادة.
ويشيع الاعتقاد خطأ أن البنات يعانين أكثر من البنين من أعراض قلة التركيز.
وتقول إليزابيث أوينز، الأستاذ المساعدة بعلم النفس الإكلينيكي بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، إن أفضل الأدلة المتوفرة حاليا تظهر تساوي معدلات قلة التركيز بين الفتيان والفتيات.
وتضيف: "إن أعراض قلة التركيز أكثر شيوعا (سواء بين البنين أو البنات) ولكنه أقل رصدا وتشخيصا لأن الطفل أو الطفلة في تلك الحالة يتسبب في مشكلات أقل في الفصل مما لو كان العرض هو فرط الحركة".
وتقول أوينز إن الأعراض في البنات والبنين المصابين بالاضطراب تتشابه أكثر مما تختلف "ما يؤكد أن البنات يعانين بشدة من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، وهو ما أُغفل الاهتمام به لفترة طويلة".
بيد أنه يوجد اختلاف يتمثل في أن البنت التي تعاني من اضطراب الانتباه المركب، بعَرضيه: فرط الحركة وتشتت الانتباه، تكون الأكثر عرضة للسلوك المدمر للنفس في سن البلوغ، كما أن البنت المصابة باضطراب الانتباه أكثر عرضة للقلق والاكتئاب في مرحلة لاحقة من حياتها.
وتابعت أوينز وزملاؤها، كجزء من دراسة بدأت في تسعينيات القرن الماضي، 228 فتاة من بينهن 140 مصابة بالاضطراب، على مدار عشرين عاما.
وتوصل الفريق، في المتابعتين الثانية والثالثة مع بلوغ المشاركات سن 19 و 25 عاما، إلى أن الفتيات اللاتي شُخصت إصابتهن باضطراب الانتباه المركب في الطفولة كن أكثر عرضة لإيقاع الضرر بأنفسهن ومحاولة الانتحار.
ومن المفترض نظريا أن يساعد رصد وعلاج الاضطراب مبكرا في تقليل الخطر، بيد أن أوينز تقول إنه لا يوجد دليل حتى الآن يؤكد ذلك، وتضيف أن "اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه مزمن، وهو شيء لا يمكن علاجه والشفاء منه".
ومع ذلك يفيد العلاج في تهيئة حالة من التحسن تدريجية.
بدأت جونسون-فرغسون، بعد تشخيص حالتها، تناول دواء يوصف عادة للمصابين باضطراب الانتباه وهو "الليسدكسامفيتامين" وتقول إنه في اليوم التالي لتناول الدواء أمكنها الجلوس لمشاهدة حلقة كاملة من مسلسل تلفزيوني.
ويتعين عليها أن تبذل جهدا كي يحقق الدواء فاعليته من خلال ممارسة الرياضة والالتزام بالأكل الصحي والإقلال من شرب الكحول والتخلي عن الكافيين.
وتقول إن الفائدة المرجوة تستحق بذل الجهد "إذ أصبح بإمكاني التخطيط لما سأنجزه في العمل بشكل لا يصدق. كأنني شخص آخر".
وبخلاف الدواء يجب أن يدرك المريض أنه لا ذنب له جراء ما يعانيه من مشكلات طوال حياته، وتصف جونسون-فرغسون حياتها قبل التشخيص بأنها كانت "42 عاما من الشعور بأنني أختلف عن بقية على الكوكب".
أما الآن فقد بات بمقدورها النظر إلى الجانب المضيء من الحياة في ظل هذا الاضطراب، إذ يمكنها تحويله إلى قوة كالتركيز المفرط لإنجاز مشروع قصير الأجل، الأمر الذي يساعدها على النجاح في مجال تسويق الأعمال الفنية، وفي نفس الوقت لا تغفل جوانب قصورها جراء اضطرابها.
بيد أن كثيرين لم يحالفهم حظ تحقيق النجاح كما فعلت جونسون-فرغسون، وإلى أن نبتعد عن الصورة النمطية لهذا الاضطراب ونكتشف السبب في إغفال تشخيص المصابات به، ستستمر معاناة كثيرات من أعراضه دون مساعدة من أحد.